القمار والادمان عبر العصور

تُعتبر مصر هي مأوى الحضارات في جميع العصور والأزمنة. حيث تضم مصر الحضارة الفرعونية القديمة التي تتسم بالرُقي والفن الأصيل والسحر والمعابد والآثار والمعرفة الواسعة والألغاز التي إلى الآن لا يستطيع عُلمائنا الوصول إلى حلول لها وفك شفراتها. لم تقف الحضارة المصرية عن هذا الحد، بل أصبحت تتمدد وتنتشر وتتشعب بتشعب وتحول مُجريات العالم من حولها.
يُعتبر القمار من ضمن الألعاب التي اهتم بها المصريون في جميع العصور والأزمة. على الرغم من تحريم القرآن لألعاب القمار والميسر نظراً لأنها تُغيب العقل، إلا أن المصريون لازالوا مُولعين بألعاب القمار ويُمكنهم فعل أي شيء للعب القمار تحت أي ظرف من الظروف. تعال لنأخذ معاً جولة قصيرة حول القمار في مصر وكيف يُمكنك أن تخرج من دائرة القمار إذا أردت.

 

نبذة تاريخية عن القمار

لا يوجد تاريخ واضح نستطيع الاستناد عليه بأنه التاريخ الذي بدأ فيه القمار أو تم اختراع القمار فيه. حيث أنه منذ قديم الأزل، والحضارات القديمة بما في ذلك الحضارة المصرية الفرعونية تلعب دوراً هاماً في ألعاب القمار. لم تكن ألعاب القمار آنذاك مُشابهه لألعاب القمار التي يتم ممارستها حالياً، ولكنها بشكل أو بآخر كانت تمت صلة لألعاب الحظ واليانصيب. تُعتبر ألعاب القمار من الألعاب التي تغوي العقل تماماً حيث أنها تعتمد على الحظ بشكل كبير وهذا يجذب بدوره الكثيرين. حيث أثبتت الدراسات السلوكية أن الإنسان عادةً ما ينجذب إلى الألعاب التي تعتمد على الحظ والمجهول وذلك بسبب الأدرينالين الذي يُفرز في الدم بمجرد دخول الفرد مغامرة مثل القمار.
لقد عُرفت صناعة القمار في مصر منذ الحضارة الفرعونية ولكنها لم تكن آنذاك صناعة مُحرمة، على العكس تماماً كانت مثل باقي الألعاب الأخرى. مع دخول الأديان وتطور حال الشعب العربي، أصبح الشعب على يقين بأن ألعاب القمار من الألعاب التي تُحرمها الأديان الثلاثة. ولكن، على الرغم من ذلك، ازدهر القمار في عصر الملك فاروق. حيث كان من المعروف عن الملك فاروق حُبه الشديد للقمار والنساء على وجه التحديد. في صالات القمار تجتمع النساء على طاولات اللعب ويجتمع الرجال يلعبون ويتسلون ويقضون أمتع الأوقات. صدر أول قانون لتنظيم لعب القمار عام 1949 بقرار من الملك فاروق وذلك بعد الحصول على موافقتي مجلسي الشيوخ والنواب. خصص هذا القانون تناول حوالي سبعة ألعاب من ألعاب القمار في الصالات المخصصة للعب القمار والتي سُميت في هذا العصر بالكازينوهات. على أن يقوم مالِك المكان بالحصول على تراخيص المزاولة لألعاب القمار من الجهات المعنية.

 

على الصعيد الآخر، كان من الممنوع أن تقديم أياً من المشروبات الكحولية أو الروحية في الكازينوهات في مصر وذلك لأنها مُحرمة شرعاً ولأنها تُغيب العقل تماماً وبالتالي تندلع المشكلات والمشاجرات داخل المكان وهذا ما لم يسمح به القانون على الإطلاق. استكملت صناعة القمار مسيرتها إلى أن وصلت إلى عهد جمال عبد الناصر ثم عصر السادات الذي كان هو أيضاً عصر تقدم للكازينوهات.
يبقى عصر مُبارك هو العصر الأكثر ازدهاراً لألعاب وصالات القمار في مصر. حيث اهتم مُبارك طوال الثلاثون عام التي كان يحكم فيها مصر بالسياحة بشكل كبير وتعد ألعاب القمار من أهم مقومات السياحة في الوطن العربي. يأتي السُياح من كُل مكان –لاسيما من إسرائيل- بهدف ممارسة ألعاب القمار حيث أن تلك الألعاب مُحرمة في إسرائيل. تعمل هذه الألعاب بمثابة دخل قومي مُميز لجمهورية مصر. ولذلك، قام القانون المصري بإصدار القانون الخاص بترخيص قاعات لصالات القمار في الفنادق السياحية الشهيرة وذلك يتضمن (النيل هيلتون، شيراتون الأقصر، شيراتون أسوان، هيلتون الأقصر، موفنبيك المطار). قامت الجمعية العمومية لقسم الفتاوي بإصدار الفتوى تُحرم المصريين من لعب القمار ولذلك، يتوجه المصريين إلى لعب القمار إما عن طريق الإنترنت أو بالتحايل على القوانين.

 

إدمان القمار

يُعتبر إدمان القمار من أنواع الإدمان التي للأسف يقع فيها الكثير من المصريين على حد سواء. حيث غالباً ما يميل الأفراد إلى ممارسة كُل ما هو ممنوع أو مُحرم وهذا ما يُعرف في الدراسات السلوكية باسم “اللذة المُحرمة”. تُعتبر اللذة المُحرمة هي فعل الشيء الذي لا يجب عليك فعله فيتولد شعور مُرضي بأنك قد فعلته. يُدمن الشخص هذا الشعور بشكل كبير إلى أن يخرج الأمر عن السيطرة. لا شك في أن إدمان القمار هو النسبة الأعلى في مصر بعد نسبة إدمان المخدرات. توجد الكثير من العوامل التي تستطيع من خلالها معرفة ما إذا كُنت مُدمن للقمار أم لا، كما هو موضح أدناه:

  • تشعر أنك في حاجة دائمة لأن تلعب القمار أياً كان الوقت والظرف.
  • تشعر بأنك تكتسب عادات جديدة بهدف الربح في القمار مثل الكذب أو السرقة، إلخ.
  • تشعر بأنك من المستحيل ألا يمر يوم فيه لا تعلب القمار.
  • تزداد عدد ساعات اللعب بالقمار لمدد كبيرة على فترات متتالية وهذا يعني أنك داخل في هوة الإدمان.
  • تُقامر عندما لا يكون معك مال وتضطر إلى الاستمرار في القمار بالمُداينة.
  • تزداد خسائرك وديونك ولكنك لا تتوقف عن القمار أيضاً.
  • عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات الخاصة بالمدرسة أو العمل أو الأسرة.
  • مُعاناة الشخص من أعراض الانسحاب في حالة توقفه عن القمار قليلاً.

لا شك في أن إدمان القمار من الأمور التي يجب عليك أن تقيسها وتُدركها وذلك لأنه في المراحل الأولى تستطيع أن تنقذ نفسك، ولكن عندما يتفاقم الأمر، ستكون في عداد المديونين. توجد في مصر الكثير منظمات التعامل مع مدمنين القمار، يُمكنك الاستعانة بهم في حالة دخولك إلى هذه الهوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ترجم »